في إطار تعزيز الشراكة بين المؤسسات الأكاديمية والقطاعات البيئية في دولة الكويت، نظّمت الجمعية الكويتية لحماية البيئة بالتعاون مع قسم العلوم في كلية التربية الأساسية سلسلة من الزيارات الميدانية العلمية، شملت كلًا من معرض أحمد الجابر للنفط والغاز، ومحمية الشامية الطبيعية، ومعشبة جامعة الكويت.
هذه الزيارات هدفت إلى ربط الجانب النظري بالواقع العملي، وتعزيز مهارات أعضاء الهيئة التدريسية والباحثين في مجالات التنوع البيولوجي، والاستدامة البيئية، والتعاون العلمي المشترك.
وشملت زيارة معرض أحمد الجابر الإطلاع على مسيرة الصناعة النفطية في الكويت، من التكوين الجيولوجي للنفط حتى مراحل التكرير والتصدير، فيما تعرّف الوفد خلال زيارة محمية الشامية على الجهود التطوعية لحماية النظم البيئية المحلية، وأهمية البرامج التوعوية في تعزيز سلوكيات بيئية مستدامة لدى مختلف فئات المجتمع.
وزيارة معشبة جامعة الكويت تضمنت التعرف على تقنيات حفظ العينات النباتية وتوثيقها، مما يعزز من فهم التنوع النباتي المحلي ويدعم البحث العلمي في هذا المجال، وتُعد المعشبة مركزًا متخصصًا لحفظ العينات النباتية المجففة وفق تقنيات دقيقة، مع توثيق شامل يشمل التصنيف البيئي والجغرافي للنباتات، ما يجعلها مرجعًا علميًا معتمدًا للباحثين والدارسين.
وأتيحت للزائرين الفرصة للتعرف على آليات الترتيب والحفظ والتبويب، بالإضافة إلى الاطلاع على عينات نباتية من الكويت والدول المجاورة والتي يزيد عددها عن 22,000 عينة. كما اطلع الوفد على مرافق المعشبة الحديثة، ومنها قاعة الفحص، وحجرة التجفيف، والمكتبة النباتية، مما يسهم في دعم البرامج التدريبية والبحثية التي تهدف إلى توثيق الغطاء النباتي المحلي ودراسة التنوع البيولوجي في البيئة الكويتية.
وفي زيارة أخرى إلى محمية الشامية التي تدار بأيدي متطوعين خلال الزيارة، اطلع الوفد الأكاديمي على الجهود التطوعية المبذولة في المحمية، والتي تشمل زراعة أنواع متعددة من النباتات والأشجار الملائمة للبيئة الكويتية، مثل أشجار النيم والغاف والسدر، بالإضافة إلى استخدام تقنيات إعادة التدوير لتحسين جودة التربة. كما تم التعرف على البرامج التوعوية التي تنظمها المحمية، والتي تستهدف مختلف فئات المجتمع، بما في ذلك الأطفال والشباب، لتعزيز الوعي البيئي وتشجيع الممارسات المستدامة.
وفي تصريح له بهذه المناسبة، قال الدكتور قيس عبدالرزاق مجيد، رئيس قسم العلوم بكلية التربية الأساسية: “الحياة تمرّ اليوم بأزمة حقيقية، فنحن نعيش في زمن يشهد تدهورًا متسارعًا للنظم البيئية. إن توثيق الحياة الفطرية، كما في معشبة جامعة الكويت، يمثل خطوة مهمة نحو حفظ الإرث الطبيعي والنباتي لأجيال المستقبل، ويسهم في بناء قاعدة معرفية بيئية قوية تدعم مسارات الاستدامة”.
وفي سياق متصل، أكدت جنان بهزاد، الأمين العام ومديرة البرامج الأنشطة بجمعية حماية البيئة على أهمية هذه المبادرات، بقولها: “تأتي هذه الزيارات ضمن توجه استراتيجي للجمعية يهدف إلى تعزيز الثقافة البيئية المؤسسية وربط الإطار الأكاديمي بالممارسة الميدانية، بما يتوافق مع المبادئ التي أرستها الاتفاقيات الدولية المعنية بالتنوع البيولوجي والتنمية المستدامة، مثل اتفاقية ريو واتفاقية رامسار. كما تنسجم هذه الجهود مع التزامات دولة الكويت الواردة في قانون حماية البيئة رقم 42 لسنة 2014 وتعديلاته، الذي ينص على أهمية التوعية والتثقيف البيئي كجزء من أدوات الحوكمة البيئية”.
مضيفة: “نحن في الجمعية نؤمن بأهمية تمكين الأكاديميين والباحثين من التفاعل المباشر مع الواقع البيئي المحلي من خلال شراكات فعالة تكرّس مفاهيم الاستدامة، وتدعم بناء قدرات وطنية قادرة على مواجهة التحديات البيئية الراهنة والمستقبلية”، وختمت “تأتي هذه الفعاليات ضمن برنامج الجمعية لتعزيز الشراكة المؤسسية وتوسيع نطاق التوعية البيئية في القطاع الأكاديمي، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية الكويت البيئية 2035”.